كما النار في الهشيم .. انتشرت في الربع الأخير من القرن المنُصرم بُِدرَّجاتِ ماعب كرة القدم (الإنجليزية) ما ل هي أقرب للعصابات (الإجرامية) منها للتنظيمات الجماهيرية (الرياضية) وغرزت رمح (شغبها) في ظهر روح التنافس الشريف فأزهقتها أرواحاً بريئة في كوارث (مُروّعة) أشهرها مجزرة ملعب (هيسيل) بالعاصمة البلجيكية (بروكسل) التي ضُرّجت ليلة احتضانها في صائفة العام 1985 نهائي دوري أبطال أوروبا بن فريقيّ (يوفنتوس) الإيطالي و (ليفربول) الإنجليزي، بِدماٍء ثمان وثاثن من المشُجّعن الطاليان سقطوا على يل يد (هوليغينز) الإنجليزى .. وبعد القضاء على ظاهرة الهوليغينز في العام 1991 عندما تحوَّلت النوادي الإنجليزية إلى (شركات) يمتلكها أصحاب الأموال، تم حضر هذه المجموعات (الشغبوية) من دخول الماعب ل وعُلّقت صور قادتها في بوًّاباتها تحت عبارة (ممنوع من الدخول) قبل أن يتجدّد ظهورها بُِنتصفِ العشرية الماضية !. ما تركه ال (هوليغينز) من فراغٍ، ملأته (فصائل) اُخَرُ تختلف عنها في المبادئ لكنهما يجتمعان في عدم الاعتراف بوجود مُصطلح (الروح الرياضية) ومن هنا تلاشت لطافة الأهداف التي تشكَّلت لأجلها هذه الفصائل (أولتراس) ومنها : تنظيم أهازيج الجماهير، توحيد اللباس ما ثُل ألوان يب الفريق وهوية المدينة، مواصلة التشجيع طيلة زمن المباراة مهما كانت النتيجة، حضور مباريات (الذهاب والإياب) بغض النظر عن التكاليف أو المسافة، الولاء للمجموعة وعدم الانضمام لأخرى .. ومع تتالي السنوات وتنامي ظاهرة الشغب، توارت هذه الأهداف وحلَّت بدلها مظاهر العُنف وأضحت خرقة (باش) الفصيل (شرف) ومُقتنياته (خط أحمر) للموت .. ولئن سقط (38) قتياً في ملعب (هيسيل) ضحية لإجرام (هوليغينز) الإنجليز، بَيْدَ ما خلَّفه جنون (ألتراس) فرق أندية مصر وراءه من قتلى في ملعب مدينة (بور سعيد) يُناهز ضِعْف هذا العدد جُلَّهم من الأهاوين سقطوا جراء التدافع خلف أبواب الملعب (المغُلقة) هرباً من فورة دم جمهور فريق نادي (المصري) الغاضبن من رفع (أولتراس) غريمهم يافطة قُماشية كتب عليها عبارة (بلد البالة .. ما فيهاش رجَّالة) !. وأنا أحمد الله الذي قدَّر عدم سقوط ضحايا مؤخراً في حافلة بعثة فريق الخُمس أو ملعب البيضاء أو ملعب بنينا أو مجمع سليمان الضرَّاط، هأنذا أدقُّ ناقوس الخطر المحُدق بنا بِفعلِ (تغوَّل) ألتراساتنا!.
■ إبراهيم الورفلي