بين الجدل العقيم .. والحوار الهادف
يقول علماء ااجتماع إن الإنسان حيوان اجتماعي بمعنى إن حياته لن تستقيم الا لبا بالتواصل مع الآخرين وتلك هي إحدى ضرورات الحياة … فالله سبحانه وتعالى خلقنا شعوبا وقبائل لنتعارف ولا يتم ذلك في إطار الحوار الهادف للبين افراد المجتمع .الحوار هو في حقيقة الأمر سلوك صحي بين طرفين أو أكثر حول موضوع يستأثر باهتمام أفراد المجتمع ولكن في كثير من الأحيان يخرج النقاش عن مساره الحقيقي حينما يتحول إلى جدل الذي يعني مقابلة الطرف الآخر بعكس ما يقوله أو نقيض ما يطرحه وا غاية له في ذلك سوى انتصار لرأيه على رأي الطرف الآخر إذ عادة ما يتسم الجدل بسلوك غير مقبول كارتفاع الصوت وسرعة الرد دون تفكير والحرص على عدم إعطاء الطرف الآخر فرصة التعبير عن رأيه كأن يتعمد المجادل توجيه النقد لمن يحاوره الأمر الذي ينتج عنه حالة من التوتر بين الطرفين؛ من هنا كان الجدل ا ليصل إلى أي هدف خاصة إذا كان المجادل ا ليعي شروط النقاش نتيجة لتميزه بضحالة التفكير وقصور ثقافته وعدم إلمامه بمحاور الموضوع وهو ما يؤدي إلى ظلم المجادل لنفسه قبل أن يكون ظلما للآخرين .. البعض يرفض أسلوب الحوار المنطقي ويميلون إلى الجدل والإغراق في التفاصيل مما يؤدي إلى ضبابية في الطرح وحدية في المواقف غير مقبولة ..من يميل إلى النقاش ويعتمد أسلوب الحوار انطلاقا من رغبة حقيقية في الفهم حتى وإن كان الحوار حول قضايا مجتمعية كثيرة ومعقدة سيكون مقبوا ويستقبل بترحاب في كل المجالس أو لالندوات لأنه يعمل على إضافة الجديد من الأفكار ويفتح باب الحوار على آفاق مريحة نتيجة لغزارة معلوماته وسلامة منطقه وأدبه الجم عند طرح وجهات نظره بااستماع جيدا لمحاوره وإعطاء لالآخر فرصة لإبداء رأيه دون مقاطعة وإذا اعترض على ما يراه خاطئا فسيكون بأدب جم وحرص على مشاعر الطرف الآخر وا يسعى لمهاجمته بهدف لإسكاته .. فالنقاش المجدي ينطلق أساسا من نقاط اتفاق لبناء الثقة بين المتحاورين، وانعدام الثقة بين المتحاورين ا يؤدي إا إلى جدل عقيم ا لللغاية له وا هدف.. فالتواصل عبر الأفكار ووجهات لالنظر ا يتم إا بدقة الطرح ووضوح محاور النقاش للوأن يقبل ااختلاف والرأي الآخر وإن كان مختلفا لعنه ..وأا يعتبر كل مخالف له في الرأي عدوا له لفلا يسعى إلى أسلوب خال من اللياقة وأن يبتعد عن الأحكام المسبقة حتى يضع نهاية مبكرة للنقاش . وحيث إن وطننا يمر بأدق فترات تاريخه وأصعبها فإن الحوار الهادف والنقاش البناء هو كل ما يحتاجه الآن للخروج من أزماته .. حوار يتوخى الجميع من خلاله مصلحة الوطن العليا ونقاش إيجابي لخلق قناعات مشتركة تبني علاقات اجتماعية سليمة يزدهر فيها المجتمع بعلاقات وطيدة بين أفراده وينمي فيهم القدرة على الفهم وهدف الوصول إلى حلول جذرية لكل المشاكل .. أما إذا أنزلق المجتمع في جدل متواصل دون ضوابط وطنية وأخلاقية ودون مراعاة شروط الحوار وضروراته فإن ذلك ا يزيد إا من حدة التوتر واتساع الهوة للالناجمة من عدم القدرة على الحوار ، وهو ما يزيد الرغبة في إيذاء الآخرين فالجدل يعرف بأنه (المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة) انطلاقا من ان المشاركين فيه يستمع كل منهم للآخر لبقدر تعصبه لفكره ووجهات نظره واعتبار آراء كل الأطراف الأخرى خطأ ووجهات نظر يجانبها الصواب . نحن الآن في امس الحاجة إلى بناء الثقة عبر حوار وطني يهدف إلى بناء دولة قوية مهابة الجانب يعيش فيها الجميع أخوة متحابين في الله والوطن وا يتأتى ذلك لإا عبر الحوار ونبذ العنف لحتى نخرج مما نحن فيه الآن من فرقة واختلاف حول العديد من القضايا المصيرية .. فالوطن ا يبنيه إا أبناؤه للالأقوياء المتسلحون بالعلم والمعرفة والوعي والذين يتوخون عبر الحوار حل كافة مشاكلهم مهما كانت صعبة ومعقدة فهي ليست عصية على الحل إذا ما توفرت لدى المتحاورين الإرادة الصادقة والنوايا الحسنة والحرص على توفير أرضية من الفهم المشترك لكل ما يطرح من قضايا إذا غاب الحوار واعتمدنا لغة أخرى للتفاهم كالسلاح مثلا، فإن التاريخ علمنا أن ااحتكام إلى لالسلاح ا يحل مشكلة بل يعمل على تعقيد الواقع لواابتعاد عن أفق الحل بمسافات شاسعة وحينها لسنصبح أمام أزمات وليست مشاكل … وأخيرا فإنه يمكن لي القول إن غاب الحوار لن تكون خطواتنا على طريق المصالحة والتوافق الخبط عشواء في طريق بلا علامات تضبط اتجاه المسير .. وسنمضي إلى ما لا نهاية دون أن نصل للهدف أو نحقق غاية .
■ عبدالله مسعود ارحومه