ماذا يفعل بوذا في الإمارات؟
سألني ابن شقيقي حسام : عن مغزى وضع الإمارات لتمثال بوذا في طرقها ؟ وهل هذا أمر جائز شرعا ؟ ، وقال لي حسام : وضعت الإمارات تمثال بوذا ثم قامت ببناء أول معبد هندوسي في الخلبج وقد جُلب التمثال من الصين وهو بارتفاع عشرة امتار ووضع على الطريق السريع ليشاهده المارة جهارا نهارا ، وعلى أثر ذلك شن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي هجوما لاذعا على دولة الإمارات بعد إعلانها عن افتتاح المعبد بتكلفة 16 مليون دولار واعتبر المغردون هذا الأمر علامة من علامات الساعة .. وإشارة إلى عودة الأصنام إلى جزيرة العرب .. ليس ذلك فقط ، بل قامت الإمارات ببناء ثلاثة تماثيل (أصنام) ضخمة لإله الهندوس (شيفا) وستوضع تلك التماثيل في المعبد في أبو ظبي . و يعتبر المعبد الهندوسي- الذي تبرعت الإمارات ب 12 فدانا لبنائه في أبو ظبي وتبرعت بتكاليفه يعتبر – أكبر معبد هندوسي خارج الهند .. وقال المغردون إن نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام كان يقوم بتحطيم الأصنام ، كما أن نبي الرحمة والنور محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والسلام .. كان كل ما يشغل باله وفكره هو القضاء على الأصنام فى الجزيرة العربية ، وخصوصا ثالوث الكفر (اللات والعزى ومناة) لكن الإمارات قامت ببناء معابد أكبر من أصنام قريش عدة مرات وهو ما يصنع مقارنات ومفارقات غريبة فى هذا الزمن ، الغريب ان صنم بوذا يعبده البوذيون الذين يقتلون المسلمين بكل وحشية. ويُشار إلي بوذا في الغالب باسم المستنير، وقصة بوذا هي أنه كان زاهدًا متجولً ومعلمًا دينيًا عاش في جنوب آسيا خلال القرن السادس أو الخامس قبل الميلاد وولد فى نيبال .. وعاش حياة الفقر والعوز والتجوال والتقشف والتأمل في الكون ، وتحول إلى نظام الرهبانية في الهند، وقام بتدريس طريقة وسط بين التساهل الحسي والزهد الشديد، مما أدى إلى «النيرفانا” ،أي التحرر من الجهل، والمعاناة، والشغف، والولادة من جديد كما تقول تعاليمه ، وتم تلخيص تعاليمه فيما بعد بالتأمل وممارسة ضبط النفس، وهى أساس ما سمي فيما بعد بالديانة البوذية، والجدير بالذكر أن بعض المؤرخين يزعم أن بوذا شخصية خرافية لا وجود لها، وذلك لكثرة الأساطير والخرافات التي نسجها البوذيون حول شخصيته، ويعتقد البوذيون أنه كان هناك على الأقل ستة أشخاص يسمون بوذا ، بل ويزعمون أن هناك بوذا آخر اسمه مايتريا سيظهر في المستقبل، وتقول الأسطورة الخرافة أن روح بوذا خالدة خلود الدهر، وهي تتمثل حاليا في الزعيم الروحي للبوذيين « الدلاي لاما «وعندما يموت فإنه يموت جسديًا ولكن روحه أو روح بوذا تنتقل لأحد المواليد الجدد من المتبعين للبوذية ليصبح بعد ذلك هو الدلاي لاما الجديد وهكذا إلى ما لا نهاية، وهى أسطورة لا يصدقها عاقل ، ولعل بعض التبريرات لبناء معبد لبوذا فى الإمارات قيل إنه بسبب متطلبات الشراكة مع متحف « اللوفر» ، بينما يبرر البعض الأمر بوجود جالية هندوسية كبيرة فى الإمارات ، لكن آخرين يردون على هؤلاء بأن نسبة عالية من ساكنى الإمارات من أصول فارسية ، فهل ستبنى الإمارات معبدا لعبدة النار الزرادشتيين؟ كما أن بعص الهنود وهم كثر فى الإمارات يقدسون البقر ، فهل سنرى تماثيل للبقر فى شوارع دبي؟ ولأن ابن شقيقى حسام يلح فى الحصول على جواب لسؤاله وهو ماذا يفعل بوذا في الإمارات ؟ فأبسط إجابة هى ان الأموال الكثيرة تجعل الإنسان يطغى ، قال الله تعالى (كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى ) سورة العلق ، فكثرة المال تذهب العقل وتفسد الإيمان وتصنع الحماقة ، والإمارات لا ينقصها المال ، ونحن نعلم أن الناس كانت تعبد الأصنام والأوثان ولكن ببعث خاتم المرسلين محمد رسول الله انتهى الناس من عبادة الأصنام ، ولكن وكما أعلمنا الله أنه مثلما بدأ الخلق سيعيده (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِِلينَ ) الأنبياء: 104 . وفى الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى تضطرب أي تتزاحم النساء على ذي الخلصة ، وذو الخلصة هو صنم كانت تعبده قبيلة «دوس» فى جزيرة العرب ، والمراد يضطربن من الطواف والتزاحم حول صنم ذي الخلصه أي يكفرون ويرجعون إلى عبادة الأصنام وتعظيمها ويتزاحمن حولها . فكل ما يحدث الآن يرى البعض أنه عودة لتقديس الأصنام تحت حجج الحرية والحضارة والتودد للغرب ذوالخضوع لهم ، فقد تم استجلاب صنم الحرية إلى أرض الحجاز ووضعه في جده، وعودة الأصنام إلى دولة الإمارات العربية ما هي إلا هي إشارة على الخلط وضعف الإيمان والتودد للغرب وتملق المشركين وقلة الحكمة ، وهذا أمر ستكون له انعكاسات سيئة على الأجيال وربما يشكل تحريف وخروج عن قيم الإسلام ، والملفت للنظر أذنه فى الوقت الذي تحاول فيه الإمارات استرضاء الهندوس تستعد الهند للاحتفال بافتتاح معبد هندوسى أقيم على أنقاض مسجد تاريخي هدمه الهندوس وسيحضر مراسم افتتاحه رئيس وزراء الهند ،ويبقى السؤال : ماذا يفعل بوذا فى الإمارات على مقربة من الخليج الذى كنا نعتقده عربيا وتراه إيران فارسيا وربما سيراه الهندوس بوذيا؟
الدكتور: أبو القاسم عمر صميدة