عندما كان السعر الرسمي للدولار 4،84 دينار، لامس سعره في السوق الموازي 8 دنانير، وترافق ذلك مع شح لافت للنظر في السيولة النقدية بالمصارف التجارية لمدة تجاوزت ثلاثة أشهر. . ووسط ارتدادات هذا الواقع، وبحجة عدم القدرة على تلبية الطلب على الدولار، خفض المصرف المركزي المخصصات السنوية الشخصية للأفراد من عشرة آلاف إلى أربعة آلاف.. إلا أنه وفي خطوة غير مفهومة أعقبت هذا الخفض ببضعة أسابيع، ظهر علينا المصرف المركزي بمقترح ضريبة ال٪ 27 المضافة على مبيعات النقد الأجنبي، والتي اعتمدها رئيس البرلمان منفردا بصورة استعجالية، كما لو كان بانتظار تلك المراسلة على أحر من الجمر ! المفارقة أو الفزورة التي ليس لها حل إلا عند محافظ المصرف المركزي، وهي الانخفاض المفاجئ لسعر الدولار في السوق الموازي إلى مادون السبعة دنانير بعد إباغ المصارف التجارية مباشرة بالبدء ببيع الدولار بالسعر المشمول بضريبة ال ٪ 27 المثيرة للجدل، في حن المنطق يقول إن سعر الدولار سيرتفع في السوق الموازي بدلا من انخفاضه، طالما سعره الرسمي ارتفع. زد على ذلك أن المصرف المركزي أعلن أنه وفقا لهذه الضريبة سيلبي الطلب على النقد الأجنبي للجميع دون مفاضلة ولا استثناءات.. وهنا السؤال يفرض نفسه وهو .. مادام المصرف المركزي قادر على تلبية الطلب على النقد الأجنبي، وهو مايعني أن الدولار متوفر، فلماذا إذا ادعى أنه غير قادر على تلبية كل طلبات شراء النقد الأجنبي قبل خفض قيمة الدينار وفقا لضريبة ال ٪ 27 ؟! وبالتالي لابد أن تذهب بنا هذه الفزورة إلى سؤال آخر وهو .. هل كانت أزمة السيولة وتأخير صرف مرتبات القطاع العام، وملامسة سعر الدولار بالسوق الموازي في ذات الفترة سقف الثمانية دنانير، هي أزمة حقيقية أم كانت مفتعلة ومخطط لها بعناية، الغاية والغرض منها تهيئة الرأي العام للقبول بضريبة ال ٪ 27 التي ظاهرها محاولة لحلحلة أزمة السيولة وكبح جماع السوق الموازي؟ في حن أي عاقل ودون حاجة للتفكير العميق، يرى أن هذه الضريبة ما هي إلا عملية التفاف على مخرجات جدول المرتبات الموحد، بنية استرجاع الزيادة التي طرأت على المرتبات عقب قرار خفض قيمة الدينار أمام الدولار الذي اتخذ في نهاية العام 2020 ، وأصبح سعر الدولار بموجبه 4،84 دينار..لانريد أن نذهب بعيدا.. فقط نسألك كيف كانت تسير الأمور المالية في السنوات السابقة للعام 2011 التي لم يتوقف خلالها دعم السلع الأساسية والمحروقات، ولا حتى التلويح يوما ما برفعه، ومع ذلك حافظ الدينار الليبي على كرامته في السوق وأمام الدولار على الرغم من أن برميل النفط كان أقل سعرا من الآن. ولأن ما خفي كان أعظم على مايبدو، لن تكون إجابتك صادقة وشفافة، لذلك نقول لك إن سياسة «زيد الماء .. زيد الدقيق» ستغرق من أوصلتهم بسياسة الهروب إلى الأمام التي تتبعها في مستنقع عجينك، فكف الأذى عنهم.
إدريس أبوالقاسم