مقالات

وقت إضافي

في الذكرى 38 لكارثة (تشرنوبل) النووية عذرا لودميلا صوتك لم يصل لضمير أدمن الغياب !

يصادف يوم 26 أبريل ذكرى تفجير المفاعل النووي الشهير عام 1986 م بمنطقة تشرنوبل قرب العاصمة الأوكرانية كييف والتي كانت ضمن المنظومة السوفيتية المنهارة .. كان الانفجار مباغتا ومفاجئا لروسيا وأوكرانيا وروسيا البيضاء وكذلك للدول الأوروبية القريبة والبعيدة كالسويد وفنلندا وغيرهما، كما كان مفجعا للسلطات السوفيتية في ذلك الوقت التي حاولت إخفاء الحدث في اليومين الأولين والتقليل من خطورة الانفجار لولا التصريحات والتحركات السياسية للسويد التي غطت سماءها سحبا سوداء محملة بالغازات والأشعة المنبعثة من المحطة الرابعة لمفاعل تشرنوبل، كان الوضع مأساويا للملايين من متساكني تشرنوبل والمناطق المجاورة حيث اختفت قرى بأكملها من الخريطة عقب إجلاء سكان (85) قرية من بيلاروسيا، و 4 من أوكرانيا، و 31 من روسيا، ووفقا لتقارير رسيمة، لقي 31 شخصا حتفهم على الفور، وتعرض 600 ألف ’’مصف‘‘، من المشاركين في مكافحة الحرائق وعمليات التنظيف، لجرعات عالية من الإشعاع .. كما تعرض ما يقرب من (8.400.000) شخص في بيلاروسيا وروسيا وأوكرانيا للإشعاع، وتعرضت (155) ألف كيلومتر مربع من الأراضي التابعة للبلدان الثلاثة للتلوث نتيجة لانتشار أكثر من 100 عنصر مشع،
أي مايعادل 500 قنبلة من القنابل التي أسقطت على هيروشيما اليابانية، كما أثرت على الحيوانات والطيور وكل مايرمز للحياة من نبات وماء محدثة تلوثا نوويا بيئيا غير مسبوق وكانت هذه الكارثة حديث العالم لسنوات طويلة ، ولاتزال آثارها البيئية حتى الآن تهدد الحياة بمنطقة الكارثة والمناطق القريبة. هذا الانفجارالمأساوي الذي كان نتيجة خطأ فني أثناء تجريب معدات وأجهزة فصل الكهرباء عن المحطة الرابعة من المفاعل فكان الخطأ كارثيا سبب في حدوث أكبر كارثة نووية عاشها الإنسان وأذكر أنه في عام 2009 م وأثناء وجودنا بدولة أوكرانيا أثيرت ضجة شغلت الرأي العام الأوكراني والدول المجاورة بسبب حدوث بعض التصدعات والتشققات في الخرسانة التي أغلق بها موقع الانفجار ولاحظ الخبراء تسرب بعض الأشعة في سماء تشرنوبل والمدن المجاورة والتي كانت ولاتزال خالية من السكان، مما دفع بالسلطات الأوكرانية والأجهزة المختصة بالأمم المتحدة إلى العمل على معاودة آغلاق الموقع بالخرسانة من جديد والمواد العازلة ودفعنا أيضا لأن نتابع الحدث الذي كنا نراه قبل أن نعيش فجائعنا الوطنية مفجعا ومأساويا فأجرينا العديد من اللقاءات الصحفية بالخصوص كان أهمها لقاء لصالح صحيفة الشمس ونشر بعدد من الصحف والمواقع الدولية في ذلك الوقت مع السيدة لودميلا رئيسة جمعية ضحايا تشرنوبل بالعاصمة الأوكرانية كييف ،كنت أنا والزميل الدبلوماسي المخضرم حسين الشريف المسؤول بالسفارة الليبية في تلك الفترة ومعنا مترجم من عرب العراق مقيم بأوكرانيا نحاور السيدة لودميلا في مكتبها والدموع تغالبنا على الصور المأساوية التي كانت ترينا إياها والمقاطع المرئية للأطفال المشوهين معددة لنا عشرات الأمراض التي يعاني منها الضحايا من مختلف الأعمار وكانت في كل مرة ترجونا أن نوصل صوتها ومناداتها لأحرار العالم والعقلاء بأن يسعوا جميعا من أجل الضغط على الحكومات للتوقف عن صناعة الموت وإيقاف كل المشاريع والبرامج النووية ،استمر لقاؤنا معها لأكثر من ست ساعات وغادرناها بعد أن وعدناها بزيارة لليبيا بمعية منتسبي الجمعية من الضحايا .. وفعلا أوفينا بوعدنا بعد شهر تقريباحيث استقبلت في ليبيا ووجدت تعاطفا ومساندة غير محدودين وتم توفير الكثير من النواقص من أدوية وأجهزة ومعدات طبية ..الآن وبعد مرور قرابة ربع قرن تحولت كامل أوكرانيا في ظل الحرب التي تشهدها إلى تشرنوبل كبيرة حيث نزح الملايين عن ديارهم ، وقتل مئات الألوف ودمرت فيها الكثير من المدن والأحياء، وتحولت الكثير من مدنها إلى مدن للأشباح والخراب … في ظل غياب كلي للضمير الإنساني المعاصر .

* الفيتوري الصادق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى