محلياتمقالات

وقت إضافي

ليبيا إلى أين؟

انتقدني بعض الأصدقاء على لغة الشتائم التي
كتبت بها مقالتي الأسبوع الماضي “ليبيا إلى أين.؟”
هذا السؤال الذي ينبغي طرحه والوقوف عنده
طويلا من قبل الغيورين على هذا الوطن والمحبين
والمهتمين بشؤونه التي نراها تزداد تعقيدا ورداءة
وتبتعد بنا عن الأمل في بناء وطن مستقر وآمن ومتطلع
لغد أبهى يعكس حجم الثروات الوطنية البشرية
والمادية التي حبانا الله بها من جهة، ومن جهة أخرى
يتفق ومطامح ستة مليون ليبي في بناء دولة حديثة
قوية ومنيعة تحفظ لأبنائها العيش الكريم فوق أرضها
وتحت سمائها دون منغصات أو قلاقل وقلق على
المستقبل .
إن ما أوردته في مقالتي المذكورة التي وصفها
البعض بالتشاؤمية جاء بناء على معطيات الواقع
الوطني الذي نعيشه جميعا، ولا يخفى على أحد
حجم ما وصلت إليه بلادنا من أوضاع تزداد سوءا
كل يوم ،خاصة في ظل غياب أية روئ وطنية رسمية
أو خطط وبرامج جادة تهدف إلى التخفيف من وطأة
واقع البلاد المحزن الذي لم يعد يرضي أحدا ،الواقع
الذي كرسته صراعات داخلية وخارجية على السلطة
والنفوذ والثروات ،هذه الصراعات التي وإن استبعدت
السلاح في العلن إلا أن أدواتها في الخفاء تعد أكثر
ضراوة وشراسة (حسابات تصفى على حساب
الوطن ومواطنيه/ذمم تباع وتشترى بأرخص الأثمان/
مساومات على ثوابت ومسلمات الوطن/ استغلال
خارجي مقنن لحالة الانقسام الداخلي/ إهدار للثروات
البشرية والمادية/تكديس الأسلحة وتجنيد المقاتلين
الشباب / استحداث متواصل للتكتلات والأجسام
العسكرية والأمنية تحت مسميات عديدة/تغول الفساد
وانتشاره بكل مفاصل وهياكل الدولة/وغير ذلك الكثير
والكثير)
وكل ذلك يضاعف ويزيد من تعاسة المواطن
الليبي البسيط المرهق الذي لا حلم له غير أن يرى
بلاده تستعيد عافيتها وتنفض عنها غبار سنين العتمة
والضياع ،وتعاود السير على درب البناء والتخلص
رويدا من كل شوائب ومنغصات هذه المرحلة الوطنية
الصعبة،
لن تفيدنا سياسة النعام ،ولن تفيد وطننا هذه
السلبية المقيتة التي استفحلت وحولتنا من مواطنين
إلى متساكنين في هذه البلاد، وشتان ما بين المواطن
والمتساكن،
المواطن هو ابن الوطن جسدا وروحا ووجدانا ،
أما الساكن فقد يكون عابرا للبلاد أو مقيما لغرض ما،
تنتهي علاقته بها بانتهاء الغرض.
هروبنا من الاعتراف بواقع بلادنا المتردي
وإغماض أعيننا عنه لن يخدم بلادنا لا حاضرا ولا
مستقبلا لا خيار لدينا إلا مواجهة الواقع بما يحمله من
متناقضات وقراءته كما هو مجردا من أكاذيب الساسة
واوهامهم المزيفة ومحاولاتهم إقناعنا بأن بلادنا بخير
وبأننا نسير في الاتجاه الصحيح.
* الفيتوري الصادق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى