فرض الله الصيام على المسلمين وهو العبادة الرابعة التي يحرص كل مسلم على القيام بها تقربا لله عز وجل وطاعة على ما يجب أن يقوم به كل مؤمن نحو ما فرضه الله عليه من العبادات … وقد فرض الله الصيام على المسلمين في السنة الثانية للهجرة .. والهدف من الصوم مدى امتثال المسلم لتعاليم ربه بتقوية الإرادة وتهذيب النفس واختبار للصائم عن مدى قدرته على تحمل الجوع والعطش للشعور بما يلاقيه الفقراء والمساكين من شظف العيش .. وهو أيضا شهر التقوى والتقرب إلى الله بالصدقات والإخلاص في العبادة كما إن الصيام يجسد وحدة الأمة ويقوي روابط التكافل الاجتماعي بين شرائح المجتمع . وإذا كانت هذه أهم المنافع الروحية التي يتحصل عليها الصائم فإن هناك فوائد جمة للصيام منها علاقة الصيام بالصحة لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (صوموا تصحوا) وانطلاقا من ذلك فإن مراكز البحوث الأجنبية قد اهتمت بدراسة تأثير الصيام على الصحة العامة فقد جاء في دراسة أمريكية أن للصوم تأثير كبير في التخلص من السمنة التي تعتبر حاليا مرضا شائعا يعاني منه الكثير من الناس وهي سبب للكثير من الأمراض الخطيرة والتي لا يمكن الشفاء منها إلا باتباع حمية غذائية تحت إشراف طبيب مختص .. وفي دراسة اخرى قام علماء ألمان بمراقبة التحولات الكيميائية التي تحدث في الجسم خلال فترة الصيام وقد ثبتت هذه الدراسة التي قام بها المركز الألماني لأبحاث السرطان إن للصيام تأثير إيجابي وخاصة على مرضى الكبد الدهني بمنع تراكم الدهون عليها، كما تأكد للأطباء في كثير من دول العالم من خلال دراسات علمية ومعملية قاموا بها، أن الصيام علاج للكثير من الأمراض المزمنة كأمراض الجهاز الهضمي، نتيجة لأن الصيام يعمل على تنظيف المعدة والأمعاء والقولون من المخلفات الضارة كما أن الصوم يعمل على تمكين الجاز الهضمي من العمل بكفاءة أكبر مما يعود بالنفع على الصائم خاصة في ضبط معدلات الحموضة الزائدة .. وتعديل منسوب الكوليسترول في الدم . كما أكدت منظمة الصحة العالمية على أن الصوم (يساعد في علاج الكثير من الأمراض المزمنة التي تدوم فترة طويلة وتتطور بصورة بطيئة مثل داء السكري وأمراض القلب .. والسكتة الدماغية .. والأمراض التنفسية المزمنة) وفي دراسة لطبيب تغذية يقول بأن (الصيام يقوي المناعة ويجدد الخلايا التالفة كما أنه يعمل على الوقاية من مرض السرطان والكورونا) هذا من الناحية الجسدية التي أثبت الكثير من العلماء والأطباء تأثير الصيام الإيجابي على الكثير من الأمراض التي يصاب بها الجسم والحد من مضاعفاتها بشكل كبير . وماذا عن الصحة النفسية التي يحصل عليها الصائم والتي لا تقل أهمية عن صحة الجسد المرتبطة بالراحة والطمأنينة؟ فالصائم يمده الصيام بطاقة روحية تريح أعصابه نتيجة لحالة الرضا التي تملأ نفس الصائم ليقينه بأنه يقوم بعبادة فرضها الله سبحانه وتعالى طاعة له وطلبا لرضاه ومغفرته، فقد أشارت الكثير من الدراسات النفسية التي أجريت على الصائمين أن الصيام يمكن الدماغ من تحمل الإجهاد وضغوطات الحياة وتنشيط الذاكرة ..كما أن الصيام يعمل على تأخير علامات الشيخوخة المبكرة نتيجة لسيطرة الصيام على كثير من الأمراض بما يضفيه الصيام على نفسية الصائم من هدوء وسكينة الأمر الذي يساعده على التخلص من التوتر والقلق وهما سببا في أمراض نفسية وجسدية قد يطول علاجها .. الصيام يعمل على ضبط مهارة
ضبط النفس وهو عامل من عوامل نجاح الفرد في حياته إذ يكسبه القدرة على السيطرة على رغباته وشهواته مما يضيف إلى الصائم
الكثير من الصفات الحميدة .. ولكن رغم كل هذه الفوائد العظيمة للصيام إلا إن البعض منا يضرب كل ذلك بعرض الحائط ولا يحرص إلا على التهام أكبر كمية من الطعام خلال ساعات الإفطار وإدمان السهر حتى الصباح وهو ما يؤثر على الدماغ وبالتالي على مزاج الشخص وسلوكه اليومي وقت الصيام .. كما تقوم الكثير من العائلات بإعداد أنواع مختلفة وكثيرة من الطعام الذي يذهب أكثره إلى صناديق القمامة وهذا تبذير لا مبرر له وسلوك غير سليم لا ينسجم مع قيم شهر رمضان الروحية .. علينا أن نعي أن الصيام عبادة، وتربية، وصحة وعافية، هذا إذا التزمنا بآداب الصيام التي تعمل على الارتقاء بالأخلاق وتنامي المشاعر الإنسانية للصائم.
* عبدالله مسعود ارحومة