مقالات

على ضفاف الوطن

الثورة .. والسلطة..!!

الثورة تعني تغيير الجوانب الاجتماعية أو السياسية للدولة نحو الأفضل.. يقول أرسطو (إن سبب قيام الثورات هو الإحساس بالظلم لدى الطبقات الفقيرة في المجتمع). اي شعور الفقراء أن معاملتهم تتم بشكل ظالم ، وهم يرون حياتهم تنحدر إلى الأسوأ ، بينما من يتصدر المشهد يستحوذ على كل شيء !.. مع انتشار الفساد ، والرشوة وشعورهم بعدم كفاءة الحكومة في إدارة شؤون الدولة وبالتالي الوصول إلى مرحلة انعدام الثقة، فالمواطن يبحث عن السيادة والكرامة والعدالة الاجتماعية ، ويريد توطينها واقعا ملموسا ، حتى يحس بالمواطنة والانتماء للوطن وليست فقط شعارات فضفاضة وكلمات وجمل مختارة من قواميس اللغة للتخدير ودغدغة العواطف للاستهلاك الإعلامي والاستغلال السياسي ! لأن السيادة والكرامة وعزة النفس والعدالة هي مشاعر وأحاسيس تستوطن داخلنا، وتسري في الجسوم مسرى الدم في العروق ، وهي عشق وانتماء لتاريخ وجغرافيا الوطن ، وهي الشعور بالغضب والثورة من أجل طفل يتسول على قارعة الطريق ،وهي الثورة من أجل تضاريس وطن تمت استباحته ، وهي فزعة لاسترداد كبرياء شيخ طاعن في السن يهان وهو يتسول مرتبه على أعتاب المصارف ! الثورة هي احترام المسؤول الفاشل الذي يدعي أنه ابن الثورة ووريثها الشرعي، أن يترك مكانه من تلقاء نفسه اعترافا بفشله لمن هو أفضل منه أداء ! الثورة يجب أن تفرض على المسؤول أن يتمثل القول المأثور (لودامت لغيرك لما وصلت إليك) لكن للأسف أضواء السلطة جعلت من بيده الحكم يريد أن يظل حاكما وللأبد ، ليؤكد بذلك أن أكذوبة التداول السلمي على السلطة ، والرجل المناسب في المكان المناسب هي فقط بوابة للوصول لكرسي الحكم وبأن المسؤول وما أن يتمكن من الوصول للمنصب يعظ عليه بالنواجذ ! معتمدا استراتيجية افتعال المشاكل وانتظار ردة الفعل للبحث عن الحلول و تحويل انتباه الرّأي العام عن المشاكل الحقيقية، وجعل اهتمامات الناس موجهة نحو مواضيع ليست ذات أهمية ، بمعنى جعل الشعب لا وقت له للتفكير، كافتعال الأزمات المالية مثلما نعانيه اليوم من نقص للسيولة في المصارف، وهي سياسة يتمّ على أثرها تراجع المطالب على مستوى الحقوق الاجتماعية الحقيقية وتردّي الخدمات العمومية، وتمد في تحكم المسؤول وحفاظه على منصبهة وتجعل كل اهتمامات المواطن تنحصر فقط في كيفية توفير متطلباته اليومية . وهذه في الحقيقة سياسة ينفرد بها النظام العربي الذي لا يؤمن بالتغيير. وهنا تحضرني طرفة واقعية بطلها الرئيس الحبيب أبورقيبة الذي عدل الدستور ليظل رئيسا مدى الحياة حيث يحكى أن أحد وزرائه طلب منه إعفاءه من الوزارة لتقدمه في السن وعدم قدرته على القيام بمهام الوزارة ، فكانت ردة فعل الرئيس ابورقيبة غير متوقعة حيث قال للوزير عليك أن تبقى وزيرا حتى تحظى بجنازة رسمية ومتابعة إعلامية ، لن تحظى بها اذا استقلت من الوزارة . يبدو أن هذه هي عقلية المسؤول العربي الذي يرى في الحكم إرثا إلاهيا !

* عون عبدالله ماضي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى