في تقديري أن أكثر عناصر لعبة كرة القدم الليبية عُرضة للظلم، هو جمهورها (الغيور) الذي لا يدَّخر جهداً في دعم فرقها ومنتخباتها بِحماسيّ التشجيع والمؤازرة !. أمواج هادرة تتشكل من أفواج مُتراصَّة يدفعها الشغف بالمستديرة الساحرة إلى الاصطفاف فوق صفحات مدرجات ملاعبنا الإسفلتية الجرداء من المقاعد (الصحية) والأغطية التي تقيها لفحات شمس صيفنا الحارقة، ولسعات قارس برد الأماسي الشتوية الماطرة ! في غفلة من حازم اللوائح وانعدام القوانين الرادعة، جمح جواد التعصُّب (المقيت) بهذا العنصر عن جادَّة (النعمة) وجنح به إلى دهاليز (النقمة) حتى تحوَّل من مهندس بناء، إلى معول هدم !. ساءت اختياراته فيما يتعلَّق بمن يسوس مؤسساته ويُدير شؤونها، وباتت ولاءاته محكومة بِضيّقِ (المصالح) بل وحتى مهمة شد أزر المنتخبات الوطنية، أضحت رهينة ألوان فرق الأندية !. في معقلها الطرابلسي الدولي (العتيد) تحتفظ ذاكرتي بعديد (المناقب) للاعب رقم (12) لعلَّ آخرها ملحمة فريق (الاتحاد) الكروية القارية ضد ضيفه الجزائري (غالي معسكر) والتي توحَّدت فيها أهازيج وهُتافات الحناجر الحمراء وجارتها الخضراء من أجل دفع رفاق السد العالي (أبوبكر باني) قُدماً لتحقيق ثأرهم (الرياضي) ولم يكذّبوا خبرًا حيث هزَّوا شباك مرمى زُملاء أيقونة كرة القدم الجزائرية (الأخضر بلَّلومي) بِثُلاثية نظيفة ولم يحُل بينهم والاحتكام لركلات الترجيح، خِلاف هدف وحيد !. بُعيد ذلك تتالت )متارب( المناكفات التشجيعية بين جماهير الجارين (اللذوذين) وتوالت لكنها – ألبتَّة – لم تصل إلى خدش (الحياء) وإن طالت حياة اللاعبين الشخصية، فعلت ذلك على استحياء !. من بين براثن (الاستغناء) افتكَّ (الأهلي طرابلس) الموهوب الفنان (عزالدين بيزان) الذي كان يمارس رياضة الهرولة خارج أسوار نادي (الاتحاد) وبالتحديد في غابة (النصر) وأعاده إلى أجواء ملاعب الدوري الممتاز ضمن التشكيلة الخضراء ليُصدم بِهُتافٍ (فاسقٍ) جدَّ على ملاعبنا رُميت فيه أغلى (المحُصَّنات) لديه ألا وهي (والدته الكريمة) من قِبَلِ الجمهور الذي لطالما أسعده وجعله يتذوق طعم البطولة، بعد طول صيام !. سرعان ما انتشرت تلك الجملة القبيحة الوقحة ولم تبق حكراً على جمهور (الاتحاد) حيث طالت بعد ذلك (مُحصَّنات) المهاجم الاتحادي (أحمد الزوي) من قِبَلِ جماهير الفريق الغريم – الأهلي – وها هي اليوم تتجدَّد بملعب (النهر) فيليلة رمضانية مباركة عكَّر صفوها هُتاف جماعي رُمَيت فيه )والدة( اللاعب الخلوق (سالم عبلّو) أثناء لقاء فريقه (الاتحاد المصراتي) بُِستضيفه (الاتحاد) وكاد هذا الإثم (الملعون) من الله عزَّ وجلَّ في سورة (النور) أن يعصف بالمباراة بعد أن لَوَّحَ اللاعب المعني – كرد فعل صامت – بيديه إلى الجمهور المذكور وهما تُشيران بالأصابع إلى الرقم (3) ويقصد بذلك عدد الأهداف التي سجَّلها فريقه الأم (الأهلي) في الديربي الفائت !.
* إبراهيم الورفلي