عقد في اليومين الماضيين الملتقى الأول للصحفيين الليبين لاستكمال بناء كيان نقابي ، يجمع أصحاب الكلمة في ربوع الوطن ، بدعوة من نقابة صحفيي طرابلس والمنطقة الغربية وبحضور عدد كبير من الصحفين من مختلف المدن الليبية وغياب عدد آخر من صحفيي الهيئة العامة للصحافة التي لا يفصلها عن مسرح الكشاف سوى عشرات الأمتار والتي حضر رئيسها وتغيب صحافيوها لأسباب نجهلها ، وهو أمر مستغرب من هؤلاء الذين يفترض أن يكون هذا الجسم النقابي هو خط الدفاع الأول في خندق المطالبة بحقوقهم ، وبالتالي كان يجب تفاعلهم ودعمهم والوقوف وراءه ، لأنهم أصحاب المصلحة الحقيقية في هذا البناء النقابي ! أن ما قامت به نقابة الصحفين بطرابلس والمنطقة الغربية هو جهد يستحق الثناء والتقدير لهذه النقابة الناشئة والتي خرجت لترى النور ، بولادة قيصرية صعبة بعد فشل عديد المحاولات السابقة لإنشاء كيان يجمع الأقام المبعثرة ويفرض واقعا يجب أن يكون ، ويعيد إلى المهنة دورها الحقيقي رقيبا ومنبها يكشف كل مواقع الفساد والتعدي على حقوق الصحفين وحقوق المواطن والمجتمع ، وإنفاذ القانون الذي يحمي حرية التعبير . هذه النقابة ، أرى أنها ولدت كبيرة بما قامت به حتى الآن من جهود للم الشمل، رافعة شعار الوطن للجميع دون إقصاء أو تهميش ، مؤكدة أن الصحافة الوطنية لا حدود لها ولا تعترف بمفسدة الساسة ، وبأن ليبيا أكبر من الجميع وستعود موحدة وإن طال النضال . ووضع حد للفوضى العارمة التي اجتاحت القطاع ، وتأثيرات هذه الفوضى على جودة المنتج . نعلم أن الطريق لا يزال طويا وأمام النقابة عمل مضن وشاق ، لتحديد جملة من المفاهيم فهي ليست ككل النقابات ، فنقابة الصحفين تتعامل مع النخبة المثقفة وقادة الرأي العام ، وهي مهنة تحسب على الإبداع، والصحفي هو المبدع الذي يلتقط الافكار التي يقول عنها الجاحظ (أنها مطروحة في الطريق)، وهي ليست حكرا على احد ، ولكن يبقى التميز في كيفية استغلال هذه الفكرة وتوظيفها وصياغتها بما يرضي فضول القارئ أو المتلقي وهنا يكمن الفارق بن الصحفي والدخيل على مهنة الصحافة ، فالصحفي يلتقط الفكرة ويعالجها بأسلوب جميل مستخدما مخزونه المعرفي وما يملكه من مفردات لغوية تأسر القارئ وتجبره على متابعته وقراءة ما يكتب ، بينما الهجن أو المستصحف ومن أتت به الأقدار إلى عالم صاحبة الجلالة فإنه يفتقد القدرة على ذلك لأنه لا يملك المخزون اللغوي من المفردات ومعاني الالفاظ ولا يمكن له التعامل مع الكتابة الصحفية أو التغطية الإعلامية بعيدا عن مزاجيته وأهوائه العاطفية وكما جاء في الأثر ،فاقد الشيء لا يعطيه . وبالتالي أرى أن نقابة الصحفين المستحدثة أمامها عمل كبير في تكوين وتأهيل الراغبن في ممارسة مهنة الصحافة والإعام وتنظيم آليات العمل، للنهوض بالصحافة الليبية بل يجب أن يكون ذلك من أولى اهتماماتها ، وبداية الإصاح ، لن يكون إلا بتنقية المهنة من كل الشوائب التي علقت بها على امتداد عقود من الزمن ، فتحية حب وتقدير لكل الصحفين الوطنين والتوفيق لكل الصادقن، وأن تصل متأخرا خير من أن لاتصل .
* عون عبدالله ماضي
