هل علينا شهر رمضان المبارك وهو شهر الصيام والقيام والتقرب إلى الله بالإكثار من الصاة وقراءة القرآن وتدبر آياته وفهم معانيه والعمل بمقتضاها والالتزام بها وهو شعر العتق من النار تفيض فيه رحمة الله على عباده .. فيه تعم الخيرات وتفتح أبواب الجنة وهو شهر العبادة والتقوى والتقرب إلى الله بصالح الأعمال فيه تتعلق القلوب بالخالق جل وعا وتفيض فيه القلوب بكل معاني الإنسانية والتسامح والتواصل الاجتماعي القائم على المحبة في الله . ويعتبر صوم رمضان الركن الرابع من أركان الإسام وهو عبادة مفروضة لا يكتمل إيمان المؤمن إلا عند القيام بها أحسن قيام ، انطلاقا من أن الصوم أحد الشعائر المقدسة في الإسام لا يجوز التقاعس عنه إلا على من كان مريضا أو على سفر أو فيما يتعلق بأمراض المرأة كالحيض والنفاس وحتى هذه الحالات التي يباح فيها الإفطار تخضع لشروط محددة ومعروفة. وقد جاء فرض الصيام صريحا عبر أربع آيات من سورة البقرة فقد قال الله سبحانه وتعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون *أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون) وفي آية أخرى من نفس السورة يقول عز من قائل (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه) والصيام يكون بالامتناع والإمساك عن كل المفطرات من أكل وشرب وجماع..ووقته من طلوع الفجر حتى غروب الشمس وخال هذه الفترة على الصائم أن ينقطع للعبادة وقراءة القرآن والتقرب إلى الله..وقد كرم الله سبحانه وتعالى شهر رمضان دون سائر أشهر السنة بنزول القرآن الكريم، الدستور العظيم الذي ينظم حياة الإنسان في الدنيا والآخرة وفيه ليلة القدر التي هي عند الله خير من ألف شهر . وكان النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان يكثر من الطاعات والقربات لما لهذا الشهر من فضائل خصها الله بها دون بقية أشهر السنة، وكان أصحابه رضوان الله عليهم يكثرون من قراءة القرآن والاعتكاف والتسابق على الخيرات للتقرب إلى الله والفوز برحمته ورضوانه ولقد يسر الله سبحانه وتعالى لعباده في الصوم فالمسلم عليه قضاء ما فاته من أيام الصيام في أوقات أخرى من العام (ومن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وللتدليل على المكانة الرفيعة للصوم في الإسام فقد جعله الله من العبادات التي تقرب إلى الله وطريقا لعبادته حتى في غير شهر رمضان بل إنه من قداسة الصوم أن جعله الله كفارة للذنوب كالذي قتل نفسا بالخطأ فمن لا يستطيع إطعام مساكين أو تقديم فدية لأهل القتيل فإنه ملزم بصيام شهرين متتابع ن توبة إلى الله ومغفرة لذنبه. وكل ما فرضه الله على عباده من عبادات فهي لصالح من يحرص على القيام بها والالتزام بآدابهاواشتراطاتها..فلقد اكدت كل الدراسات العلمية الحديثة على أن الصوم وقاية وشفاء لكثير من الأمراض الطارئةوالمزمنة، فالصوم يساعد على التخفيف من مضاعفات الاضطرابات النفسية والعاطفية عبر تقوية إرادة الصائم وتعزيز عزيمته بالصبر على الجوع والعطش والحرمان من كل ما تهوى إليه النفس البشرية من ملذات الحياة وفي عذ السياق يقول دكتور سويسري (إن فائدة الجوع قد تفوق بمرات استخدام الأدوية) وبالإضافة إلى ما يتمتع به الصائم من راحة نفسية وصفاء روحي تجعله بمنأى عن القلق والتوتر اللذان يعتبران من أسباب امراض القلب والشرايين ومنغصات علل
الجهاز الهضمي فقد اعتبر(توم برمز) (وهو صحفي كولمبي) إن الصوم تجربة روحية عميقة أكثر منها جسدية ، فعلى الرغم من أنني بدأت الصوم بهدف تخليص جسمي من الوزن الزائد إلا إنني أدركت إن الصوم تجربة سمو روحي هائلة كما ان الصيام مفيد لمرضى
الجهاز الهضمي وخاصة القولون الذي يعتبر من أمراض العصر المزمنة التي تتسبب فيها ضغوطات الحياة وقسوة الظروف، كما أن الصيام مفيد أيضا لمرضى ضغط الدم وتصلب الشرايين وغيرها من الأمراض الأخرى التي ما زال الطب الحيث لم يجد لها حلولا حتى الآن . علينا جميعا أن نجعل من هذا الشهر المبارك الذي كرمه الله سبحانه وتعالى بالكثير من الفضائل شهرا للعبادات والتقوى طلبا لرضا الله
وغفرانه، وكل رمضان والجميع إلى الله أقرب.