مقالات

أصداء

السلم بالعرض !

فيما أذكر عرضت قناة الجزيرة القطرية سلسلة حلقات عن الحرب الأهلية في لبنان والتي استمرت لسبعة عشر عاما ، قدمت خلالها القناة شهادات حية ضمت جل قادة المليشيات الذين قدموا شهاداتهم عن هذه الحرب ، لازلت أذكر يلزمنا هذا شهادة وليد بك جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ، عندما حشره مقدم الحلقات في الزاوية وقال له كيف تقبل أن تضع يدك في يد سمير جعجع وباقي قادة حزب الكتائب الذين ارتكبوا فظائع وجرائم إبان الحرب .. جنبلاط قال هم قتلوا ونحن قتلنا ، هم دمروا ونحن دمرنا (واذا بدنا سلام لازم نتنازل) ما جرني لهذه المقدمة .. القرار الذي اتخذته القيادة العامة بتعليق مشاركتها في مشروع المصالحة الوطنية احتجاجا على سحب المجلس الرئاسي قراره بضم «شهداء وجرحى القوات المسلحة بالمنطقتين الشرقية والجنوبية » إلى الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء والمفقودين، وهو قرار جاء بعد اقتحام لمقر المجلس من قبل بعض المحتجن ، وهذا السحب سيلقي بظلاله على مؤتمر المصالحة الذي من المقرر أن يعقد في مدينة سرت أواخر شهر إبريل ، حيث دعا ممثلو «القيادة العامة» الاتحاد الأفريقي واللجنة رفيعة المستوى لاختيار شريك أفضل لنجاح هذه المهمة الخطيرة والحساسة» بدلا من المجلس الرئاسي . وحسب ما تناثر هنا وهناك فإن أحد أعضاء المجلس يقف معارضا لهذا القرار وهو من مارس ضغوطا لسحبه، وإذا كان قد نجح في ذلك إرضاء للمزايدين ، كان عليه أن يدرك تبعات ذلك ولعل أولى البشائر احتمال إلغاء مؤتمر المصالحة وما قد يعقبه من خطوات تصعيدية قد تعرقل مسيرة إعادة بناء اللحمة الوطنية . لابد هنا أن نعود بأعضاء الرئاسي لقرار اتخذه أمن اللجنة الشعبية العامة للصحة في العام 2011 يقضي بعلاج جميع جرحي العمليات العسكرية من أفراد القوات المسلحة الليبية وكتائب الثوار على نفقة الدولة ، وهو قرار دل على بعد نظر من كان وراءه وأسهم في تخفيف الاحتقان ، ولا نجد عيبا من تذكير أعضاء الرئاسي والمزايدين أن القاتل والمقتول فينا وكلهم ليبين ، نحن الآن لا نبحث في مشروعية حرب أو معارك بل نتحدث عن جانب إنساني يقرب بين الليبين . اليوم علينا كليبين أن ندرك أن فاتورة الأمن والسلم الأهلين تتطلب أن نتنازل لبعضنا البعض ، ولن تكون بذات ثمن فاتورة الحرب ، ما نحتاجه اليوم نوايا خالصة وصافية لإعادة الأمن والأمان لليبين ،
التشدد في المواقف لن يقابله إلا مزيد من التشدد من باقي الأطراف وحمل السلم بالعرض لن يكون في صالح أحد .

* عصام فطيس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى