شهر رمضان، شأنه شأن عيدي الفطر والأضحى، مناسبات تتسم بالخصوصية، في المأكل والملبس بخ اف باقي أيام العام، ففي رمضان يزداد الطلب على سلع معينة تتركز عادة في اللحوم والبيض والحليب والأجبان إلى جانب العصائر والفواكه الطازجة، وفي عيد الفطر يتركز الطلب على الملابس، خاصة ملابس الأطفال، والأحذية والعطور، وفي عيد الأضحى تكون الأضاحي محور اهتمام أرباب الأسر. كل هذه المتطلبات أضحت من المسلمات لدى كل بيت ليبي، مقتدرا كان أم متعسرا. ولخصوصية هذه المناسبات ليس في ليبيا فحسب، بل في كل ديار المسلمين، لذلك جرت العادة أن تتدخل الجهات المعنية باتخاذ إجراءات من شأنها تحقيق الوفرة في هذه السلع من حيث الكم والكيف، بالتدخل المباشر أو بحث وتحفيز القطاع الخاص على توفيرها في الوقت المناسب بحزمة من التسهيلات أو الاستثناءات المؤقتة. هذه الإجراءات كانت حتى وقت ليس ببعيد بمقياس السنوات، ضمن اهتمامات الجهات التنفيذية المعنية بالدولة، فكانت هناك وفرة ومعها ضبط معقول للأسعار، وفي الغالب يتم صرف المرتبات قبل موعدها حتى يتسنى للمواطنن توفير مستلزمات المناسبة بكل أريحية، مثلما كانت شحنات الأضاحي الموردة من الخارج تصل في مواعيد مناسبة يتأتى
الغرض من استيرادها كأضاح. الآن وبكل أسف يبدو أن المواطن أمسى في آخر قائمة اهتمامات الحكومة، فمن غير المعقول أن يستمر «موال » تأخر مرتبات العاملن بالقطاع العام خاصة مع اقتراب حلول هذه المناسبات، ومن غير المنطق أن تنعدم السيولة النقدية بالمصارف لمدة تقترب من الثلاثة أشهر!! ومن غير المعقول أن تراقب الجهات المعنية الارتفاع غير المقبول في أسعار البيض واللحوم الحمراء والبيضاء، وغيرها من السلع دون أن تحرك ساكنا من شأنه إدخال الطمأنينة لذوي الدخل المحدود. كلها ثلاثة أسابيع وبضعة أيام ويهل علينا الشهر الفضيل، والجيوب لازالت خالية الوفاض، يصاحبها رفع تدريجي في الأسعار من قبل الانتهازين ضعاف النفوس. صحيح هناك مبادرات من قبل بعض التجار الأتقياء لعرض السلع الأساسية بسعر التكلفة، وصحيح هناك قرارات من قبل وزارة الاقتصاد والتجارة تعني بضبط الأسعار خ ال شهر رمضان. لكن ماهو غير صحيح أن مبادرات محدودة وفي مدن بعينها دون غيرها من المناطق الأخرى، من البديهي أنها لن تفي بالغرض، وماهو غير مجد بقاء قرارات ضبط الأسعار في غياب فاعلية المتابعة مجرد حبر على ورق. فهل نشهد في ماتبقى من أيام قبل حلول شهر الصيام مايثلج الصدور، وب ا منغصات؟ وبالمناسبة .. وجب التذكير أن عيد الأضحى سيحل بعد مائة يوم تقريبا، فهل وضعت الجهات المعنية هذه المناسبة في الحسبان، وبرمجت لها استحقاقاتها منذ الآن، حتى لا يتكرر السيناريو الذي واكب عيد الأضحى الماضي، الذي تحصل فيه المواطن «من الثور ودنه»، بعد أن استولى السماسرة على جل شحنات الأغنام جراء وصولها في أوقات متأخرة جدا، بل أن بعضها وصلت عقب أيام العيد !!؟
إدريس أبوالقاسم